نبحث عن المذنب و نحن المذنبون

0

فلة مكيري 


عندما نتحدث إلى بعضنا البعض ،  أو نسمع البعض يتحدث في الشارع ، في الحافلة أو في أي مكان يمكننا من خلاله أن نسمع كلمات من أطراف حديث البعض ، فغالبا مايكون جوهر هذا الحديث شكوى و اتهام عن فلان فعل، فذلك  ظلم ، و ذاك  سرق ، و الآخر رشى ، و هذا كذب ، وهكذا ...، و بالصدفة إذا توجهت لذلك الذي اتهم بإحدى هذه التهم تجده هو الآخر يشكي ذات الهم الذي شغل الآخر  .
 المشكلة هو أننا في الغالب إن لم نقل بالمطلق،  لم نسمع أحد يعترف ، بظلمه و كذبه اأ نفاقه ، وعن أي خطا ارتكبه في حق الآخرين  ، الكل يشكو و يتهم ، لأ ن الكل صفحة بيضاء بريئة،  والكل  معصوم  عن الخطأ.
في الحقيقة لا فليس الكل معصوم عنه و إنما الكل مخطأ ،ففي ظل واقع  استوطنته السلوكيات الخطيرة ، و تفشت فيه مساوئ الأخلاق،  فالخطأ ليس مجهول المصدر ،و هو واضح وضوح القمر في الليل الحالك ، فمصدر  تفشي ظاهرة المحسوبية،  الكذب الرشوة ، الخداع ، الأنانية و الحسد ، مازال مجهول عندهم فقط ،  مادام هؤلاء لازالوا  يتهمون بعضهم متناسين أنفسهم .


 فمصدر هذا الخطأ يميزه العاقل، لأنه  في جعبة كل واحد فينا فالمصدر  هو الأنا المغرور و المتكبر المملوء بالنواقص رغم أنه  لا يحسن الاعتراف بذلك ، فهو  يفتقر للفضيلة ، و المصيبة أنه يدعي  بأنه الأسمى و الأفضل.
فهذا الأنا هو  السبب لما أل إليه حالنا ، ومادام أن هذا هو حالنا فلا يجب أن نطمح للتغيير ، و حسن الحال لأن  الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، بالرغم من أن  بعض أصحاب العقول الكبيرة في الكثير من الأحيان توجه سوء حال هذه المجتمعات التي تدعوها بالمجتمعات المغلوب على أمرها  إلى افتقادها  للقائد الذي يغيرها، عن أي قائد يتحدثون و نحن في مجتمعات إسلامية قائدنا و قدوتنا خير الخلق  محمد عليه الصلاة و السلام ،ألا يكف قائد  شهد على كفاءته الكثيرين من العلماء الغربيين على غرار الأديب الانجليزي برنارد شو أنه لو تولى محمد أمر العالم اليوم لنجح حتما في حل مشكلاتنا .

 إذا المشكلة ليست في القيادة وإنما تتجسد في ضعفنا وعدم قدرتنا على تصفح كتب السيرة و تعلم مبادئ ديننا الحنيف ، في ظل افتقارنا للرغبة في القراءة  رغم أننا أمة اقرأ ، مع قصور بعض منافذ الشفاهة التي كان لزاما عليها أن تستدرك ضعف معدلات القراءة في مجتمعاتنا  فخطباء المساجد الذين حولوا منابر الإمامة إلى فضاءات سياسية للحديث عن القضايا السياسية،  رغم أننا نحتاج لتعلم أساسيات الدين انطلاقا من النظافة و الإخلاص، الوفاء ، و التعايش السلمي، و الأهم من ذلك نحن بحاجة لدروس في الإنسانية التي أوشكنا فقدانها .

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق